هــمـسـة صـبــا
لم تتوقف صبا عن تلك العاده فور رؤيتها للامطار تصعد مسرعه الى سطح منزلها لتغرق شعرها وملابسها بتلك القطرات الصغيره التى ترقص طربا على جسدها تتمنى لو تستمر طويلا ولكن سرعان ما توقفت واذا باشعة الشمس تتسلل خفيه من بين السحب لتضع اكليلا بديعا على جبين السماء بعد ان انهت سحبها البكاء
هبطت صبا لتبديل ملابسها واثناء ذلك شاهدت ذلك الصندوق الخشبى (هدية همس ) اليها يتوسط خزانتها كان فتحه بمثابة ميعاد سرى بينهما تتجولان داخله بين الصور والمقصوصات الورقيه المعبئه برحيق الطفوله الجميل
مررت همس اصبعها على وجه صبا الضاحك وقالت :هل زلتى تحبين بكاء السحب وتساقطت دموعها لتغرق وجهيهما
قالت صبا : وانت هل زال هوسك بقوس قزح وبكت قائله : اسفه همس لم يكن امامى غير الابتعاد اشتقت اليكى كثيرا .
قاطعتها ابنتها ملك بأن طوقتها بذراعيها قائله : صبا ابى قد تأخر
قبلتها وقالت : ملك الم اقل لا تنادينى الا بامى
قالت : ولكن ابى يناديكى صبا وليس امى
البدايه كانت باحدى المدارس الثانويه الداخليه للبنات
عند التحاق صبا بها عند اضطرار والديها للسفر لمرض ابيها المفاجىء
الايام تمر ثقيلة الخطى لم يعد لديها الحماس لاى شىء وما بيدها الا الانشغال نهارا والارق ليلا حتى اوشكت على الانهيار هاتفتها والدتها وبقدر لهفتها ايقنت ان غربتها مستمره لسوء حالة ابيها
ودون تفكير هاتفت خالها ليجيبها اياد ابنه الذى يكبرها عام
ودون ان تتحدث علم انها هى لسماع بكاءها المكتوم
قال: صبا ما الخطب؟ احدث مكروه ؟
قالت : لا اياد ولكنى شعرت بالاختناق فرغبت بسماع صوت خالى او صوتك
قال: اهدئى صبا ستعودين مره اخرى انا ايضا يقتلنى الملل لا اجد من اتشاجر معها ابتسمت قليلا ولكن سرعان ما اشتد بكاءها
اختنق صوته وهو يقول : هل ستستمرين هكذا لن اتى اليكى ان لم تبتسمين
واخذ يردد لها بعض النكات كعادته عندما تغضب
نعمت بنوم هادىء تلك الليله
استيقظت على فتاه توقظها بالحاح وتقول حان موعد الافطار
فتحت عينيها بصعوبه لتتمكن من رؤيتها فاذا بها تمد يدها مصافحة لها وهى تقول مبتسمه : انا همس زميلتك بالغرفه
وبعد ان ذهب النوم دون عوده من عينى صبا تعرفت عليها وقالت غاضبه : لما توقظينى اليوم عطله ؟
قالت همس بحماس: اجل اعلم وقد ذهبت معظم الفتيات مع اهلهن ولم يبقى هنا الا القليل هيا لنستمتع باليوم
واثناء تناولهم للغداء قدمت همس اليها طبقا من كعك الشيكولاته وقالت : لقد طلبت اعداده لكى خصيصا
شيئا فشيئا التصقت كل منهما بالاخرى
روت صبا اليها عن ابيها ومرضه وعن خالها واياد ونشئتهما سويا بنفس المنزل
وهمس بدورها اخبرتها عن وفاة والدتها وزواج والدها
الذى رفضته واصرت بسببه للمجىء هنا
وبعد احدى زيارات والدها بحثت عنها صبا فى كل مكان دون جدوى حتى وجدتها تجلس على ارجوحه بالحديقه تسللت خلفها وقامت بدفعها لاعلى انتفضت همس من شرودها وتشبثت بجوانب الارجوحه وهى تصرخ عاليا
قالت صبا : اين شردتى منى ؟
لم تجبها
ضمتها اليها صبا وقالت : ما بكى ؟ هل وبخك ابيكى ؟
قالت همس : لقد تركته لانى لا اطيق رؤيته مع اخرى غير امى ولكن دائما اتمزق لرؤية عينيه حزينتين كلما اتى لزيارتى .... كم انا سيئه
اخذت صبا تدفعها رويدا رويدا وهى تفكر ثم قالت : انت تعلمين مهارتى فى حل الكثير من الامور
فى المره القادمه اخبريه انك تشتاقين الى زياراته كثيرا وضميه هكذا وماذا ايضا ؟........... ساعلمك كيف تصنيعن وشاح له صدقينى هذه الاشياء البسيطه تؤثر كثيرا فانا افعلها مع ابى غالبا عندما يغضب اتفقنا
ثم دفعتها عاليا مجددا
نظرت اليها همس غاضبه وقالت : اتفقنا
وفجاه هطل المطر بغزاره ركضت صبا تحته اما همس فقد احتمت بشجره كبيره وقالت : عودى بسرعه ستمرضين
لم تستمع اليها وقالت وهى تدور حول نفسها: كيف اترك السحب وهى تبكى هكذا
وبعد ان توقف سريعا اسرعت همس باحضار دفترا وقلما وجلست لدقائق ترسم شيئا
تاملت صبا اللوحه وهى تلمسها باناملها وقالت : رائعه لم ارى قوس قزح فاتن هكذا
ابتسمت همس وقالت : لذلك اسرعت قبل ان يتلاشى انه لكى
فى عطلة الاسبوع ذهبت همس خفيه وعادت بعد ساعه لتخفى شيئا بالخزانه
وفى اليوم التالى استيقظت بالحاح من صبا نظرت بساعتها وقالت : لا زالت السادسه عودى للنوم
قبلتها صبا وقالت : كل عام وانتى بخير
انتفضت همس وقالت كيف علمتى ؟ من الملفات يا لغبائى
اخذت الشىء المغلف من يد صبا الممتده
وذهبت لاحضار ما اخفته بخزانتها بالامس واعطته لصبا وقالت : وانتى ايضا كل عام وانتى بخير
ثم اردفت قائله : اليس غريبا ان يكون لنا نفس تاريخ الميلاد
ضحكت صبا قائله : ايضا لنا نفس لون الشعر والعينين
اشارت كلا منهما للاخرى بفض هديتها ولكن ما اصابهما من الدهشه اسكتهما عن الكلام
كلاهما متطابق تماما صندوق خشبى انيق لحفظ الاشياء الثمينه
اثناء وجبة الغذاء جاءت المشرفه لتخبر همس ان ابيها ينتظرها بالحديقه
قالت همس لصبا : هيا لأعرفك بأبى
قالت : لا ساتى وحدى اذهبى الان وافعلى ما اتفقنا عليه
عادت صبا الى الغرفه لتجد الوشاح الذى صنعته همس لازال على وسادتها اسرعت لتجلبه لها
ولكن اخبروها ان المديره تريدها بمكتبها فى الحال
تفاجات لرؤية خالها امامها قفزت لتعانقه كعادتها ولكنها تسمرت عندما وجدت اياد خلفه يلوح لها بدب وردى اللون
وبعد انا اطفئت الشموع اعطاها اياد الدب قائلا : هذه هدية ابى ام انا .... فاخرج لها علبه مزركشة الالوان
قالت له وهى تبتسم بفضول : انها تصدر موسيقى اليس كذلك ؟
قال : جربى بنفسك
لم تستطع النطق بعد الانفجار الذى احدثته العلبه اخذ يضحك اما هى فقد احمر وجهها تماما من الغضب
واذا بهمس على باب الحجره تنادى صبا التى جذبتها للداخل ثم ذهبت وجلبت والدها ليحتفل الجميع معا
مضت ثلاث سنوات واجراس الفراق تقترب من اذان همس وصبا ولم تلقى منهما غير التجاهل
حتى اتى ذلك اليوم ودعتا ارجاء المكان حامله كلا منهما امتعتها وقبل الخروج تركت صبا حقائبها لتجلس على الارجوحه واشارت لهمس ان تدفعها وقالت : مره اخرى قبل ان نذهب
اخذت همس تدفعها وصبا تضحك لتخفى بكاءها
اوقفت همس الارجوحه لتضمها بشده ودموعها هى الاخرى تغرق وجهها وقالت : لا تبكى حبيبتى لن نفترق مهما حدث هل نسيتى ساعيش عند عمتى بالقاهره وساراكى كثيرا
لم تجب صبا بل اشتد بكاءها ازاد تشبث همس بها حتى شعرت بمن يربت على كتفها كان والد همس قد جاء لاخذها ظلت صبا ترقبها حتى غابت عنها شعرت وكان جزءا قد اقتطعوه منها للتو
جلست واضعه وجهها بين كفيها لتطلق دموعها الحبيسه لم تتوقف الا عندما رفع اياد وجهها يبدو عليه القلق
قال : هل اخبر ك احد بشىء ازعجك؟
خفق قلبها بقوه عند رؤيته ورغم بكاءها طبعت بسمه خفيفه على شفاها وقالت : ساشتاق الى همس كثيرا
تنهد براحه وقام بحمل الحقائب وقال : ونحن الا تشتاقين لنا ايضا
غفت صبا على كتفه طوال الطريق وعند وصولهما قام بايقاظها واسرع بها الى الطابق العلوى تركته لتهبط الى شقة خالها
قال : ما بكى ؟
قالت : اريد رؤية خالى اولا
قال : انه بانتظارك بالاعلى
صعدت معه ولكن ترامى الى سمعها صوت انين مؤلم جذبت يدها منه ولكن لم يفلتها واستمر بالصعود حتى دفعته مسرعه بالنزول لتجد والدتها تجهش بالبكاء وحولها بعض النسوه يرتدين السواد هرعت الى امها لتجثو عند قدميها وقالت : لما تبكى امى ؟ ... اين ابى ؟
ضمتها امها واشتد انتحابها ولكنها ابعدتها واخذت تبحث بجميع الغرف دون جدوى حتى صعدت بالطابق العلوى وغرفه تلو الاخرى تخبرها بالاجابه
اخذت تنظر حولها بعينين ضائعه وقالت : اين ابحث ايضا ......؟
اجلسها اياد واحضر لها كوبا من الماء وقال : اهدئى حبيبتى
نظرت اليه وقالت : اين ابى يا اياد ؟
طأطأ راسه باكيا وقال : اردت اخبارك وعمتى قامت بمنعى خوفا عليكى بالاختبار سامحينى
قالت : ثلاث سنوات لم ارى وجهه كنت اريد تذكر ملامحه واخدت تبكى وتقول : ابى حبيبى كيف ساراك مجددا
حاول اياد تهدئتها ولكنها دفعته قائله : ابتعد لا اريد اى منكم بعد الان
على الجانب الاخر كانت همس مع ابيها عند عمتها التى تعيش وحدها بعد موت زوجها
اخبرها ابيها انه سيقضى معها شهرا كاملا فرحت فى البدايه ولكن شعرت بانقباض فى صدرها وطلبت منه ان تذهب الى صبا اندهش وقال : ما تركتيها الا لساعات
قالت : اشعر انها ....... لا اعلم انها ليست بخير
وتحت الاصرار رضخ لرغبتها
عندما راتها صبا هرعت اليها لتضمها وارتفع صوتها بالبكاء
لم تغادرها همس طوال ذلك الاسبوع لمرضها الشديد ومعاودة الطبيب لها لاعطاءها المهدئات
اما اياد فيجلس بجانب حجرتها دون جدوى لرفضها رؤيته هو وامها
وبعد مرور اسبوع بدات تاكل بشكل منتظم نوعا ما بواسطة همس التى تطعمها كالاطفال
واثناء ذلك دخل اياد الحجره ليجلس بجانب فراشها
وقال : الى متى ستستمر مقاطعتك لى ؟
قالت همس : انه لا يمس الطعام منذ مرضتى
نظرت اليه كان وجهه شاحبا بالفعل قالت : اردت ان اصرخ باحد ولم اجد من يحتملنى مثلك واخدت تبكى مجددا
اخذ يبكى هو ايضا وقال : الم يكفيكى تلك المهدئات اتفضلين البقاء مريضه لن احتمل خسرانك
استدار الى همس وقال : سانتظركم بالاسفل لا تلبسيها اسود مجددا
قالت صبا : ماذا سيقول الناس ؟
قال : فليتكلم من يحب لم ياخذوا الادويه عوضا عنكى
كرس اياد نفسه تلك الفتره بمساعدة همس لاعادة صبا الى مرحها القديم
بدأ عام دراسى جديد التحقت كلاهما بكلية الهندسه بعد تفوقهما بالثانويه
وكان اياد قد اجتاز اول عام بنفس الكليه
كان جدولهما مزدحما للغايه وفور انتهاؤه اسرعوا ليتناولوا شيئا ب ( كافتريا الجامعه)
قالت صبا الذى بدا عليها الانهاك : تبدو الدراسه مرهقه كما اخبرنى اياد ولكن لا يهم فنحن معا مره اخرى
ابتسمت اليها همس وهى تتناول طعامها بنهم ولكن قاطعها صوت يقول : همس سالم
التفت اليه كان شابا طويلا يشبه عارضين الازياء من طريقة هندامه قالت : عفوا هل اعرفك ؟