إن القصص من الأساليب الممتازة في إيصال المفاهيم والأفكار والقيم والمبادئ، وينصح بها ضمن أساليب التعليم لكل المراحل؛ فالقصة فيها عنصر التشويق والإثارة لمعرفة الخاتمة والنهاية، وفيها عنصر التفكير لمعرفة ماذا جرى وماذا سوف يجري في القصة، فبجانب الاستمتاع فيها قدر من التفكير، وبجانب هذا كله تكون الفائدة من القصة والحكمة المستخرجة منها.
هناك قصة معروفة وتصلح لكل الأجيال والأعمار، فيها العديد من الحكم والقيم، وتفسّر بكثير من التفاسير حسب الغرض الذي تذكر من أجله، وهي قصة الطفل والشجرة -شجرة التفاح-.
يُحكي أنه في يوم من الأيام كانت هناك شجرة تفاحٍ كبيرة فارعة الأغصان، ممتلئة الثمر، قوية الجذع والأغصان، وبجانب الشجرة هناك طفلٌ دائم القرب بها، يلعب ويلهو، يستلّق على أغصانها، ويأكل من ثمارها، وإذا تعب من اللعب نام تحتها مستظلًا بظلالها وأغصانها الكبيرة، وكان هذا بشكلٍ يومي.
مرت الأيام وكبر الطفل وانشغل عن الشجرة، ولكنه عاد إليها يومًا وهو حزين فأخبرته الشجرة أن يلعب معها، فقال لم أعد صغيرًا إني بحاجةٍ لبعض النقودِ لكي أشتري بعض الحاجيّات، فقالت له أنا لا يوجد معي نقود؛ ولكن خُذ تفاحي وقم ببيعه واستخدم النقود من البيع لتشتري ما تريده، فجمع الولد كل ثمارها وأخذها وهو سعيد وغادرها ولم يعد، فباتت الشجرة حزينة.
بعد أعوامٍ عاد الطفل، وكالعادة قالت له الشجرة تعال والعب معي، فقال لها لقد أصبحت رجلًا كبيرًا ولديّ عائلة أنا مسئول عنها وأحتاج لبناء بيت، هل تستطيعين مساعدتي؟، فقالت له أنا لا أملك بيتًا ولكن بإمكانك أن تأخذ من أغصاني كما تشاء لتصنع بيتك، ففعل الرجل وأخذ الأغصان وغادر وهو مسرور.
وتمر الأيام والسنوات والشجرة وحيدة حزينة على فتاها الطفل الذي يكبر في كل مرة يلتقي بها، وفجأة جاءها في يوم صيفٍ حار جدًا فسعدت الشجرة بقدومه وقالت له العب معي، فقال لقد كبرت كثيرًا وأصبحت عجوزًا وأريد أن أرتاح من عناء الدُنيا وأن أعيش فترة استرخاء، أريد أن أبحر بعيدًا عن الناس ولكني لا أملك مركبًا أبحر به، فقالت له الشجرة خُذ من جذعي واصنع مركبًا، فأخذ من جذعها وصنع المركب وذهب عنها ولم يعد لسنين طويلة؛ وبعد كل هذه السنين عاد الرجل للشجرة، وقد اعتادت على أنه يعود ليطلب شيئًا فسابقته بالقول: "آسفة ولكني أصبحت كبيرة جدًا ولا أملك شيئا لأمنحك إياه"، قالت له لا يوجد تفاح لتأكل أو لتبيع فقال لها: "لا داعي فليس لدي الأسنان لأقضمها"، قالت له  لم يعد لدي جذعي الذي كنت تتسلقه وتلعب عليه، فقال لا حاجة لي به فقد أصبحت كهلًا عجوزًا لا أستطيع القيام بذلك، فحزنت الشجرة كثيرًا لأنها  لا تملك ما تعطيه فهي شبه ميتة ذات جذورٍ ضعيفة ميتة، قال لها كل ما أحتاجه وأريده الآن هو أن أرتاح من هذه السنين أحتاج مكانًا للراحة فقط، فقالت له الشجرة هي جذور الشجرة ما تبقى لك وهي أنسب مكان اجلس وابقَ بجانبي.
 
الشجرة هي الوالدين، هي كل شيء عظيم تمنحه لك الحياة ولا تعطيه لكثيرين غيرك، فأنت تفكر في ذاتك كثيرًا وتأخذ كل ما عند والديك ومن يدعمك، حتى حين عودتك إليهم تعود لأنك بحاجةٍ لراحةٍ بكنفهم وبقربهم، فارفق بهم قبل أن تفقدهم.