قصة أغرب من الخيال .. لكنها حقيقية .. عن كونتيسة هنغارية حولت قلعتها إلى مسلخ بشري من اجل المحافظة على جمالها !! قامت بقتل وتقطيع أوصال 650 فتاة بريئة لتستحم بدمائهن، ورغم وجود الوثائق التي تؤكد حدوث هذه الجرائم، ورغم العثور على أوراق المحاكمات التي أجريت للكونتيسة و معاونيها في مطلع القرن السابع عشر، إلا أن هناك اليوم بعض المؤرخين ممن يقدحون بصحة تلك الوثائق التاريخية و يعدونها جميعها ملفقة لغرض تصفية حسابات سياسية خاصة مع عائلة الكونتيسة ذات النفوذ الكبير في الدولة آنذاك .. على كل حال .. إليك عزيزي القارئ القصة المخيفة والمثيرة لكونتيسة الدم الهنغارية.الكونتيسة الوحشية التي كانت تستحم بدماء ضحاياها
|
الى اليمين صورة متخيلة للكونتيسة وهي تستحم بدماء ضحاياها اما الى اليسار فلوحة حقيقية ونادرة لها |
ولدت إليزابيث باثوري (Countess Elizabeth Báthory ) في هنغاريا عام 1560، أي بعد مائة عام بالضبط على موت قريبها الكونت دراكولا الحقيقي، كان والداها - جورج و آنا - ينتميان إلى أغنى و اعرق العائلات التي تعود أصولها إلى إقليم ترانسيلفانيا الروماني، تلك البقعة التي أشتهرت بتاريخها الدموي فكانت مرتعا خصبا لظهور قصص مصاصي الدماء، ومازالت حتى اليوم تنتصب في بعض أرجاءها أطلال قلعة الأمير فلاد الرابع – دراكولا – المرعبة.
كانت عائلة باثوري ذات نفوذ سياسي كبير، فأبن عم إليزابيث كان يشغل منصب رئيس وزراء هنغاريا، في حين كان خالها استيفان ملكا على بولندا ؛ لكن إلى جانب القادة والعظماء ضمت العائلة أيضا بعض الأقارب غريبي الأطوار، فأحد أخوال إليزابيث كان معروفاً بعبادة الشيطان، و آخر كان مجنوناً و متخلف عقليا، فيما كانت إحدى عماتها ساحرة وشاذة جنسيا.
|
بقايا قلعة الكونتيسة ويمكنك عزيزي القارئ رؤية القرية التي كانت اليزابيث تحصل على الفتيات منها في الوادي ..اعلى اليسار صورة لزوج الكونتيسة |
إليزابيث الصغيرة كانت فتاة جميلة تتلمذت على يد أفضل المدرسين، تشبعت بعلوم وفنون ذاك الزمان فشبت متعلمة – وهي من الحسنات النادرة في ذلك العهد - تقرض الشعر وتتكلم أربع لغات. وفي سن الخامسة عشر تزوجت الكونتيسة من الكونت فيرينك نيداسدي (Ferenc Nádasdy ) الذي كان يكبرها بعشرة أعوام، و انتقلت لتعيش معه في قلعة كسيتز، و هي قلعة نائية تتربع على سفوح الجبال، كانت هي والقرية المحاذية لها ملكا صرفا لعائلة الكونت.
كان الكونت فيرينك نيداسدي بطلا قوميا في هنغاريا، أمضى ردحا طويلا من حياته في محاربة الأتراك العثمانيين، وقد اثبت شجاعته وجرأته في ساحة المعركة فنال عن جدارة لقب (العقاب الأسود) و هو من أعلى و ارفع الألقاب شأنا في هنغاريا آنذاك.
في أثناء غياب زوجها في ساحات الوغى و خلال 25 سنه من زواجها اعتادت إليزابيث على البقاء وحيدة في قلعتها الموحشة، أصبحت حياتها مملة فأخذت تمضي وقتها حينا بإيذاء خادماتها و تارة بالوقوف أمام المرآة لعدة ساعات تتطلع إلى جمالها الأخاذ وقوامها الممشوق، ولم يلبث أن دفعها الملل الى اتخاذ عدد من الشبان الوسيمين كعشاق ، حتى إنها هربت مع احدهم في إحدى المرات، لكنها عادت بعد أن صفح زوجها عنها.
وكانت زيارة عمتها من المتع التي لم تفوتها إليزابيث خلال فترة غياب زوجها، فتلك العمة التي تدعى الكونتيسة كلارا باثوري كانت معروفة بغرابة أطوارها وبفسوقها العلني، و ربما شاركت إليزابيث عمتها في جنونها أثناء الحفلات الباذخة الفاجرة التي كانت تحييها باستمرار. كما بدأت إليزابيث في تلك الفترة تبدي اهتماما كبيرا بمسائل السحر الأسود والشعوذة. فقد كانت إحدى وصيفاتها ساحرة حقيقية علمتها كل طرق التنجيم والسحر، كان اسمها دوركا وقد أصبحت فيما بعد مساعدة الكونتيسة في تنفيذ جرائمها القذرة، و يقال بأنها هي التي شجعتها على القيام بتلك الموبقات.
|
بلاط اليزابيث في القلعة كان مسلخا بشريا |
إليزابيث كانت سادية تجد متعة لا توصف في تعذيب خادماتها الشابات ، كان يساعدها في تلك المهمة عدد من الخدم منهم مربيتها العجوز ايلونا جو وخادم يدعى فيكو وكذلك وصيفة تدعى آنا درولا، إضافة طبعا إلى وصيفتها دوركا ؛ و بمساعدة هذه المجموعة الشيطانية حولت إليزابيث قلعتها إلى مكان شرير . كانت تجد حججا لا تنتهي لمعاقبة الناس ؛ كانت تنزع الملابس عن ضحايها ثم تجلدهم بالسياط على أجسادهم العارية، وكان الرعب المرتسم على وجوه اولئك الضحايا التعيسين يجعلها تشعر بنشوة لا تقاوم.
في عام 1600 مات زوجها الكونت فيرينك، ربما جراء جرح أصابه في إحدى المعارك، و بدأت بموته فترة الرعب الحقيقية ؛ إذ قامت إليزابيث بإرسال والدة زوجها وكذلك أطفالها إلى خارج القلعة لكي تمارس جرائمها الشريرة بدون إزعاج.
شيء ما حدث في حياة إليزابيث في تلك الفترة جعلها تشعر بالقلق و تزداد جرأة و وحشية في جرائمها ؛ ففي ذلك الوقت أصبح عمرها أربعون عاما و بدأت تقلق كثيرا حول جمالها، حاولت إخفاء التجاعيد التي غزت وجهها بواسطة مستحضرات التجميل، لكن رغم جميع محاولاتها ترسخ شعورها يوما بعد أخر بحقيقة إنها أصبحت متقدمة بالعمر و أن جمالها سيذوي ويزول لا محالة.
وفي احد الأيام، بينما كانت إحدى خادماتها الشابات تسرح شعرها الطويل الجميل، حدث أن أخطأت الفتاة العاثرة الحظ فسحبت من دون قصد شعر سيدتها بشيء من القوة مما أثار حنق الكونتيسة وغضبها، فضربت الفتاة على وجهها وانفجر الدم من انف الخادمة لتسقط بضع قطرات منه على يد الكونتيسة الثائرة .. رؤية دم الخادمة يسيل على يدها جعل الكونتيسة تشعر بنشوة عارمة لا توصف، وحين فركت البقع الحمراء ببطء عن يدها ظهرت بشرتها من تحتها باردة وطرية فأيقنت الكونتيسة بأن هذا الدم سيعيد إليها شبابها وحيويتها ويجعل جلدها الناعم أكثر بياضا ونضارة.
وفي الحال أقدمت الكونتيسة بمساعدة وصيفتها دوركا وخادمها فيكو على تجريد الفتاة المسكينة من ملابسها ثم قطعت شرايينها وعلقتها بالحبال فوق وعاء معدني كبير؛ وهكذا ظلت الفتاة تنزف حتى أخر قطرة دم ، وحين فارقت الحياة أخيرا سحبها الخدم بعيدا ثم دخلت إليزابيث إلى الوعاء المعدني وتمرغت واستحمت بدماء الخادمة المقتولة . لقد أضحت متأكدة الآن بأنها وجدت الطريقة المثلى لإعادة شبابها .. لقد اكتشفت إن الدم هو مصدر الحياة.
خلال الأعوام العشرة التالية قتلت الكونتيسة الدموية المزيد من الفتيات الشابات اللواتي كان خدمها يأتون بهن من قرية الفلاحين الفقيرة الواقعة على سفح الجبل، كانوا يخدعون ويغرون الفتيات الفقيرات بالحصول على عمل مريح في قلعة الكونتيسة وبرواتب مرتفعة، وما أن تنطلي الحيلة على الفتاة وتخطو إلى داخل قلعة الموت حتى تصبح خطواتها تلك هي الأخيرة في حياتها، فسرعان ما كانت تنتهي مقتولة ومعلقة فوق الوعاء المعدني الكبير لكي تتمكن سيدة القلعة الشريرة من أخذ حمامها الدموي اليومي!.
في بعض الأحيان كانت الكونتيسة تقوم بشرب دماء ضحاياها من أجل الحصول على الصحة و العمر المديد، لكنها أحست بالتدريج بأن دماء الفلاحات الفقيرات القادمات من القرية له مفعول قليل الأثر على بشرتها، فتطلعت للحصول على نوعية أفضل من الدماء وقد وجدت ضالتها في فتيات الطبقة النبيلة اللواتي كانت عائلاتهن ترسلهن إلى قلعة الكونتيسة لكي يتعلمن منها أصول التصرف والتحدث بلباقة (الاتيكيت) في حفلات وتجمعات طبقة المجتمع الراقي، وقد لاقى عدد كبير من أولئك الفتيات النبيلات نفس المصير الأسود الذي تجرعته قبلهن بنات الفلاحات الفقيرات.
لكن مع اختفاء فتيات العائلات النبيلة، و لأن الكونتيسة أصبحت أكثر تهوراً في اقتراف جرائمها. بدئت بالتدريج تنتشر شائعات كثيرة هنا وهناك حول مصير فتيات قلعة كسيتز المفقودات اللواتي أخذت أعدادهن تزداد يوما بعد أخر، وأصبحت شكوى النبلاء الذين فقدوا بناتهم تصل تباعا إلى أسماع إمبراطور هنغاريا الذي أصدر في النهاية أوامره لرئيس الحكومة بإرسال قواته إلى قلعة الكونتيسة لتحري ما يجري هناك.
في 30 ديسمبر 1610 دخلت مجموعة من الجنود إلى قلعة الكونتيسة ليلاً .. في الداخل كانت تنتظرهم مشاهد مرعبة بكل معنى الكلمة، ففي وسط البهو الكبير كانت هناك فتاة ميتة لا توجد قطرة دم في جسدها ؛ فتاة أخرى كان جسدها ينزف فوق وعاء معدني لكنها كانت لا تزال على قيد الحياة، و في قبو القلعة اكتشفوا مجموعة من الفتيات اللائي كن ينتظرن مصيرهن الأسود في زنزانات صغيرة وقذرة حالكة الظلام، و بالقرب من سور القلعة على سفح الجبل اكتشف الجنود بقايا بشرية لأكثر من 50 فتاة.
في أثناء محاكمة الكونتيسة عام 1611 اكتشف المحققون أسماء 650 ضحية في دفتر ملاحظاتها ؛ لقد كانت محاكمتها من اكبر المحاكمات في تاريخ هنغاريا و لا تزال وقائعها محفوظة حتى اليوم ؛ جميع معاوني الكونتيسة حكم عليهم بالإعدام، تم شنقهم ثم أحرقت جثثهم ؛ لكن الكونتيسة و بسبب مركزها الاجتماعي لم تحاكم .. بل وحتى لم تحظر إلى المحكمة ، لكن الإمبراطور أمر بحبسها في قلعتها، حبسوها في غرفة نومها ثم أغلقوا عليها جميع النوافذ و الأبواب بالحجارة و كانوا يوصلون الطعام والماء إليها عبر فتحة صغيرة في الجدار.
في عام 1614، أي بعد أربعة أعوام على سجن الكونتيسة في قلعتها، عثر حراسها عليها منكفئة على وجهها في وسط زنزانتها المنزلية و قد فارقت الحياة ؛ إليزابيث باثوري .. الكونتيسة الدموية .. كانت في الرابعة و الخمسين حين فارقت الحياة.
الكونتيسة الدموية في السينما
[size]
في الحقيقة هناك العديد من الأفلام التي تناولت شخصية إليزابيث بالثوري، وغالبا ما جسدتها سينما هوليوود كشخصية ثانوية ضمن أفلام الرعب ومصاصي الدماء. لكن هناك عدد من الأفلام الأوربية التي تناولت حياة الكونتيسة كحبكة رئيسية للسيناريو، ربما يكون أشهرها وأحدثها عهدا هو الفلم السلوفاكي الناطق بالانجليزية (Bathory ) من إنتاج عام 2008، وكذلك الفلم الفرنسي – الألماني المشترك (The Countess ) من إنتاج عام 2009.
[/size]